فصل: اللباس الواجب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.في السجن الأمن والمصلحة:

قال الشوكاني: إن الحبس وقع في زمن النبوة وفي أيام الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى الان في جميع الاعصار والأمصار من دون إنكار، وفيه من المصالح مالا يخفى لو لم يكن منها إلا حفظ أهل الجرائم المنتهكين للمحارم الذين يسعون في الاضرار بالمسلمين ويعتادون ذلك ويعرف من أخلاقهم ولم يرتكبوا ما يوجب حدا ولا قصاصا حتى يقام ذلك عليهم فيراح منهم العباد والبلاد، فهؤلاء إن تركوا وخلي بينهم وبين المسلمين بلغوا من الاضرار بهم إلى كل غاية.
وإن قتلوا كان سفك دمائهم بدون حقها، فلم يبق إلا حفظهم في السجن والحيلولة بينهم وبين الناس بذلك حتى تصح منهم التوبة، أو يقضي الله في شأنهم ما يختاره.
وقد أمرنا الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بهما في حق من كان كذلك لا يمكن بدن الحيلولة بينه وبين الناس بالحبس، كما يعرف ذلك من عرف أحوال كثير من هذا الجنس ا.هـ.

.أنواع الحبس:

قال الخطابي: الحبس على ضربين: حبس عقوبة، وحبس استظهار فالعقوبة لا تكون إلا في واجب.
وأما ما كان في تهمة: فإنما يستظهر بذلك ليستكشف به عما وراءه.
وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة ساعة من نهار ثم خلى سبيله.
وهذا الحديث رواه بهزبن حكيم عن أبيه عن جده.

.ضرب المتهم:

ولا يحل حبس أحد بدون حق. ومتى حبس بحق يجب المسارعة بالنظر في أمره. فإن كان مذنبا أخذ بذنبه. وإن كان بريئا أطلق سراحه. ويحرم ضرب المتهم لما فيه من إذلاله وإهدار كرامته.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب المصلين: أي المسلمين.
وهل يضرب إذا اتهم بالسرقة؟
فيه رأيان: فالرأي المختار عند الأحناف وعند الغزالي من الشافعية أن المتهم بالسرقة لا يضرب لاحتمال كونه بريئا. فترك الضرب في مذنب أهون من ضرب برئ.
وفي الحديث: «لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة».
وأجاز الإمام مالك سجن المتهم بالسرقة. وأجاز أصحابه أيضا ضربه، لاظهار المال المسروق من جهته، وجعل السارق عبرة لغيره من جهة أخري.
ومتى أقر في هذه الحال فإنه لاقيمة لاقراره لأنه يشترط في الاقرار الاختيار. وهنا إنما أقر تحت ضغط التعذيب.

.ما ينبغي أن يكون عليه الحبس:

وينبغي أن يكون الحبس واسعا. وأن ينفق على من في السجن من بيت المال وأن يعطى كل واحد كفايته من الطعام واللباس. ومنع المساجين مما يحتاجون إليه من الغذاء والكساء والمسكن الصحي جور يعاقب الله عليه.
فعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لاهي أطعمتها وسقتها، إذ حبستها، ولاهي تركتها تأكل من خشاش الأرض».

.الإكراه:

.تعريفه:

الاكراه في اللغة: حمل الإنسان على أمر لا يريده طبعا أو شرعا، والاسم منه الكره.
وفي الشرع: حمل الغير على ما يكره بالوعيد بالقتل أو التهديد بالضرب أو السجن أو إتلاف المال أو الاذي الشديد أو الايلام القوي.
ويشترط فيه أن يغلب على ظن المكره انفاذ ما توعد به المكره.
ولافرق بين إكراه الحاكم أو اللصوص أو غيرهم.
قال عمر: ليس الرجل آمن على نفسه إذا أخفته أو أوثقته أو ضربته.
وقال ابن مسعود: ما من ذي سلطان يريد أن يكلفني كلاما يدرأ عني سوطا أو سوطين إلا كنت متكلما به.
وقال ابن حزم: ولا يعرف له من الصحابة مخالف.

.أقسام الإكراه:

الاكراه ينقسم إلى قسمين:
1- إكراه على كلام.
2- إكراه على فعل.

.الإكراه على الكلام:

والاكراه على الكلام لا يجب به شيء لأن المكره غير مكلف.
فإذا نطق بكلمة الكفر فإنه لا يؤاخذ. وإذا قذف غيره فلا يقام عليه الحد. وإذا أقر فلا يؤخذ بإقراره. وإذا عقد عقد زواج أو هبة أو بيع فإن عقده لا ينعقد. وإذا حلف أو نذر فإنه لا يلزم بشئ. وإذا طلق زوجته أو راجعها فإن طلاقه لا يقع ورجعته لا تصح والاصل في هذا قول الله سبحانه: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم}.
سبب نزول الآية:
والسبب في نزول هذه الآية ما ذكره ابن كثير في التفسير عن أبي عبيدة محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنا بالايمان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن عادوا فعد».
ورواه البيهقي بأبسط من ذلك وفيه أنه سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، فشكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله: ما تركت حتى سببتك وذكرت آلهتهم بخير. قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنا بالايمان.فقال: «إن عادوا فعد».وفي ذلك أنزل الله تعالى {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان}.
شمول الآية الكفر وغيره:
والآية وإن كانت خاصة بالتلفظ بكلمة الكفر إلا انها تعم غيره.
قال القرطبي: لما سمع الله عز وجل بالكفر به وهو أصل الشريعة عند الاكراه ولم يؤاخذ به حمل العلماء عليه فروع الشريعة كلها.
فإذا وقع الاكراه عليها لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم، وبه جاء الاثر المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
والخبر وإن لم يصح سنده فإن معناه صحيح باتفاق العلماء.
قاله القاضي أبو بكر بن العربي وذكر أبو محمد عبد الحق أن اسناده صحيح قال: وقد ذكره أبو بكر الاصيلي في الفوائد وابن المنذر في كتاب الاقناع ا.هـ.
العزيمة عند الإكراه على الكفر أفضل:
وإذا كان النطق بكلمة الكفر عند الاكراه رخصة فإن الافضل الاخذ بالعزيمة والصبر على التعذيب ولو أدى ذلك إلى القتل إعزازا للدين كما فعل ياسر وسمية.
وليس ذلك من إلقاء النفس إلى التهلكة بل هو كالقتل في الغزو كما صرح به العلماء.
وقد أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن وعبد الرازق في تفسيره عن معمر أن مسيلمة أخذ رجلين فقال لاحدهما: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله. قال: فما تقول في؟ فقال: أنت أيضا، فخلاه. وقال للاخر: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله. قال: فما تقول في؟ فقال: أنا أصم. فأعاد عليه ثلاثا. فأعاد ذلك في جوابه فقتله. فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهما فقال: «أما الأول فقد أخذ برخصة الله تعالى. وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له».

.الإكراه على الفعل:

والقسم الثاني الإكراه على الفعل وهو ينقسم إلى قسمين:
1- ما تبيحه الضرورة.
2- ما لا تبيحه الضرورة.
فالأول: مثل الاكراه على شرب الخمر أو أكل الميتة أو أكل لحم الخنزير أو أكل مال الغير أو ما حرم الله: فإنه في هذه الحال يباح تناول هذه الاشياء. بل من العلماء من يرى وجوب التناول حيث لم يكن له خلاص إلا به. ولا ضرر فيه لاحد.
ولا تفريط فيه في حق من حقوق الله والله تعالى يقول {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}.
وكذلك من أكره على إفطار رمضان أو الصلاة لغير القبلة أو السجود لصنم أو صليب فيحل له أن يفطر ويصلي إلى أي جهة ويسجد ناويا السجود لله جل شأنه.
والثاني: مثل الاكراه على القتل والجراح والضرب والزنا وإفساد المال.
قال القرطبي:
أجمع العلماء على أن من أكره على قتل غيره أنه لا يجوز له الاقدام على قتله ولا انتهاك حرمته بجلد أو غيره ويصبر على البلاء الذي نزل به ولا يحل له أن يفدي نفسه بغيره، ويسأل الله العافية في الدنيا والاخرة.
لاحد على مكره: ولو قدر أن رجلا استكره على الزنا فزنى فإنه لا يقام عليه الحد.
وكذلك المرأة إذا أكرهت على الزنا فانه لاحد عليها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
ويرى مالك والشافعي وأحمد واسحاق وأبو ثور وعطاء والزهري: أنه يجب لها صداق مثلها.

.اللباس:

اللباس من النعم التي أنعم الله بها على عباده.
يقول الله تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون}.
وينبغي أن تكون حسنة جميلة نظيفة والله تعالى يقول: -
{يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}.
{قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الايات لقوم يعلمون}.
وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثويه حسنا ونعله حسنة قال: إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس» أي انكار الحق واحتقار الناس.
روى الترمذي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الله الطيب يحب الطيب، نظيف يحب النطافة، كريم يحب الكرم جواد يحب الجود فنظفوا افنيتكم ولا تشبهوا باليهود.

.حكمه:

واللباس منه ما هو واجب ومنه ما هو مندوب ومنه ما هو حرام.

.اللباس الواجب:

فالواجب من اللباس ما يستر العورة وما يقي الحر والبرد وما يستدفع به الضرر.
فعن حكيم بن حزام عن أبيه قال: قلت: «يا رسول الله، عوراتنا: ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قلت: يا رسول الله، فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها فقلت: فإن كان أحدنا خاليا؟ قال: فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه».

.اللباس المندوب:

والمندوب من اللباس ما فيه جمال وزينة.
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش» وعن أبي الاحوص عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب دون، فقال: «ألك مال؟ قال: نعم قال: من أي المال؟ قال: قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق قال: فإذا آتاك الله مالا فلير أثر نعمته عليك وكرامته».
ويتأكد ذلك عند العبادة وفي الجمعة والعيدين وفي المجتمعات العامة.
فعن محمد بن يحيى بن حبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوي ثوبي مهنته».